وفاء النبيً لأمنا خديجة رضى الله عنها:
سيد الأوفياء عليه الصلاة والسلام ، من جعله الله تعالى الأسوة الحسنة ؛ ليستنير بهديه ويسير على دربه المؤمنون .
-أخرج البخاري بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت : ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خديجة ، وما رأيتُها ، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثِر من ذِكْرِها ، وربما ذبح الشاة ثم يُقَطِّعُها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق – أي : صديقات – خديجة .
فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة !
فيقول :
(( إنها كانت ، وكانت ، وكان لي منها ولد )) .
فصلَّى الله وسلَّم على أكرم الخلق ، وحافظ العهد .
فقد كان صلى الله عليه وسلَّم وفياً لخديجة في حياتها ، ووفياً لها بعد وفاتها ، فهو يذكر أعمالها وأخلاقها ، وأيامها وعهدها ، رضي الله تعالى عنها .
كيف لا ، وهي التي آثرته ورغبت فيه ، وهي أول من صدَّقه وآمن به ، وهي التي ثبَّتَتْ فؤاده وقوَّت عزيمته ، وكانت البلسم الشافي لآلامه وأحزانه .
هي التي واسته بمالها ، وهي التي رزق منها الولد ، وهي التي حفظت عهده ، وحافظت على بيته وولده ، وهي .. وهي ..
فنالت بسبب هذا الوفاء العظيم ما جاء في الحديث الشريف :
(( بشِّروا خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ))
رواه البخاري .
وعند الطبراني من حديث فاطمة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ، أين أمي خديجة ؟ فقال : (( في بيت من قصب )) . قلت : أمن هذا القصب ؟ قال :
(( لا ، من القصب المنظوم بالدرِّ واللؤلؤ والياقوت )) .
قال السُّهَيلي : (( النُّكْتة في قوله (( من قصب )) ولم يقل : من لؤلؤ : أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السَّبْق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها )) .
وقال ابن حجر : (( وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه ، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها ؛ إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن ، ولم يصدر منها ما يغضبه قط ، كما وقع لغيرها )) .
وقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاءها بوفاء أعظم منه ، فكان من وفائه لها :
1- الحزن الشديد على فراقها ، كما جاء عند الحاكم من حديث حبيب مولى عروة .
2- ومن وفائه صلى الله عليه وسلم لها : أنها كان يصرِّح بحبه لها حتى بعد وفاتها .
ففي حديث عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني رُزِقْتُ حبَّها )) يعني : خديجة .
3- الإكثار من ذكرها ، كما تقدم : (( إنها كانت وكانت )) يذكر ماذا ؟!.
إنه يذكر محاسنها : إيمانها وتصديقها ، وثباتها وتثبيتها ، إنه يذكر أخلاقها الفاضلة ، وعاداتها الجميلة ، والتزامها ، وأدبها ، واحترامها ، وحسن عشرتها ، إنه يذكر بيتها الهادئ ، وحياته الهانئة معها ، ويذكر ويذكر .
وهذا هو الوفاء العظيم الذي ينبغي أن يسير عليه كل من اتَّخذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قدوته .
فإن كان ثَمَّ أخطاء للزوجة ، فإن مسلك الأوفياء : تجاهل الأخطاء ، والتجاوز عنها ، وعدم إفشائها ونشرها ، مع مراجعة الذاكرة للبحث عن المحاسن والإيجابيات .
قال صلى الله عليه وسلم :
(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة – أي : لا يبغض –، إن كره منها خلقاً ، رضي منها آخر )) رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
وصدق القائل :
ومن ذا الذي تُرْضَى سجاياه كلُّها كفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدَّ معايبُه
4- ومن وفائه صلى الله عليه وسلم لخديجة : أنه كان يَبَرُّ صديقاتها ومن يحبُّها ، ويهتمُّ بهنّ حتى بعد وفاتها ، يذبح الشاة ويقطّعها ثم يرسلها إليهن .
وكان يصل الواحدة منهنَّ بالهدايا المختلفة ، فقد أخرج ابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتِي بشيء قال :
(( اذهبوا به إلى فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة ))
، ولفظ الحاكم : (( اذهبوا به إلى فلانة ؛ فإنها كانت تحب خديجة ))
وما ذاك إلا وفاء لخديجة ، وبراً بها ، وحباً لها ، وإحياء لذكراها الجميلة على قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم .
5- ومن وفائه لها : أنه أكرم امرأة زارته بعد وفاتها ؛ لصلتها بها ، وما ذاك إلا وفاء لعهدها .
أخرج ابن عبد البر من حديث عائشة قالت : جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها :
(( من أنت؟ ))
فقالت : أنا جثامة المزنية .
قال :
(( كيف حالكم ؟ كيف أنت بعدنا ؟ )) .
قالت : بخير ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله .
فلما خرجت قلت : يا رسول الله ، تُقْبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبال ؟!
فقال :
(( إنها كانت تأتينا أيام خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان )) .
وفي بعض الروايات أن هذه العجوز هي أم زفر ماشطة خديجة .
6- ومن وفائه لها : أن كان يذكر أيامها ، ويثني عليها ، ولا يرضى من أحد أن يتكلم عنها بمكروه .
أخرج أحمد من حديث عائشة قالت : ذكر رسول اله صلى الله عليه وسلم يوماً خديجة ، فأطنب في الثناء عليها ، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة ، فقلت : لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين . قالت : فتغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيُّراً لم أره تغيَّر عند شيء قط ... الحديث .
وكان يكثر من ذكرها ويبالغ فيه حتى قالت عائشة :
(( كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة )) .
تلك هي معالم الوفاء التي ينبغي أن تبنى العلاقات الأسرية على أساسها ، تلمّسناها من هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام سيد الأوفياء .
فحري بأهل الإيمان أن يكون الوفاء شعارهم ، وعنوان حياتهم ، ليحققوا السعادة ، ويهنئوا بالحياة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
...
سيد الأوفياء عليه الصلاة والسلام ، من جعله الله تعالى الأسوة الحسنة ؛ ليستنير بهديه ويسير على دربه المؤمنون .
-أخرج البخاري بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت : ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خديجة ، وما رأيتُها ، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثِر من ذِكْرِها ، وربما ذبح الشاة ثم يُقَطِّعُها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق – أي : صديقات – خديجة .
فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة !
فيقول :
(( إنها كانت ، وكانت ، وكان لي منها ولد )) .
فصلَّى الله وسلَّم على أكرم الخلق ، وحافظ العهد .
فقد كان صلى الله عليه وسلَّم وفياً لخديجة في حياتها ، ووفياً لها بعد وفاتها ، فهو يذكر أعمالها وأخلاقها ، وأيامها وعهدها ، رضي الله تعالى عنها .
كيف لا ، وهي التي آثرته ورغبت فيه ، وهي أول من صدَّقه وآمن به ، وهي التي ثبَّتَتْ فؤاده وقوَّت عزيمته ، وكانت البلسم الشافي لآلامه وأحزانه .
هي التي واسته بمالها ، وهي التي رزق منها الولد ، وهي التي حفظت عهده ، وحافظت على بيته وولده ، وهي .. وهي ..
فنالت بسبب هذا الوفاء العظيم ما جاء في الحديث الشريف :
(( بشِّروا خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ))
رواه البخاري .
وعند الطبراني من حديث فاطمة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ، أين أمي خديجة ؟ فقال : (( في بيت من قصب )) . قلت : أمن هذا القصب ؟ قال :
(( لا ، من القصب المنظوم بالدرِّ واللؤلؤ والياقوت )) .
قال السُّهَيلي : (( النُّكْتة في قوله (( من قصب )) ولم يقل : من لؤلؤ : أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السَّبْق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها )) .
وقال ابن حجر : (( وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه ، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها ؛ إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن ، ولم يصدر منها ما يغضبه قط ، كما وقع لغيرها )) .
وقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاءها بوفاء أعظم منه ، فكان من وفائه لها :
1- الحزن الشديد على فراقها ، كما جاء عند الحاكم من حديث حبيب مولى عروة .
2- ومن وفائه صلى الله عليه وسلم لها : أنها كان يصرِّح بحبه لها حتى بعد وفاتها .
ففي حديث عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني رُزِقْتُ حبَّها )) يعني : خديجة .
3- الإكثار من ذكرها ، كما تقدم : (( إنها كانت وكانت )) يذكر ماذا ؟!.
إنه يذكر محاسنها : إيمانها وتصديقها ، وثباتها وتثبيتها ، إنه يذكر أخلاقها الفاضلة ، وعاداتها الجميلة ، والتزامها ، وأدبها ، واحترامها ، وحسن عشرتها ، إنه يذكر بيتها الهادئ ، وحياته الهانئة معها ، ويذكر ويذكر .
وهذا هو الوفاء العظيم الذي ينبغي أن يسير عليه كل من اتَّخذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قدوته .
فإن كان ثَمَّ أخطاء للزوجة ، فإن مسلك الأوفياء : تجاهل الأخطاء ، والتجاوز عنها ، وعدم إفشائها ونشرها ، مع مراجعة الذاكرة للبحث عن المحاسن والإيجابيات .
قال صلى الله عليه وسلم :
(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة – أي : لا يبغض –، إن كره منها خلقاً ، رضي منها آخر )) رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
وصدق القائل :
ومن ذا الذي تُرْضَى سجاياه كلُّها كفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدَّ معايبُه
4- ومن وفائه صلى الله عليه وسلم لخديجة : أنه كان يَبَرُّ صديقاتها ومن يحبُّها ، ويهتمُّ بهنّ حتى بعد وفاتها ، يذبح الشاة ويقطّعها ثم يرسلها إليهن .
وكان يصل الواحدة منهنَّ بالهدايا المختلفة ، فقد أخرج ابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتِي بشيء قال :
(( اذهبوا به إلى فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة ))
، ولفظ الحاكم : (( اذهبوا به إلى فلانة ؛ فإنها كانت تحب خديجة ))
وما ذاك إلا وفاء لخديجة ، وبراً بها ، وحباً لها ، وإحياء لذكراها الجميلة على قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم .
5- ومن وفائه لها : أنه أكرم امرأة زارته بعد وفاتها ؛ لصلتها بها ، وما ذاك إلا وفاء لعهدها .
أخرج ابن عبد البر من حديث عائشة قالت : جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها :
(( من أنت؟ ))
فقالت : أنا جثامة المزنية .
قال :
(( كيف حالكم ؟ كيف أنت بعدنا ؟ )) .
قالت : بخير ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله .
فلما خرجت قلت : يا رسول الله ، تُقْبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبال ؟!
فقال :
(( إنها كانت تأتينا أيام خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان )) .
وفي بعض الروايات أن هذه العجوز هي أم زفر ماشطة خديجة .
6- ومن وفائه لها : أن كان يذكر أيامها ، ويثني عليها ، ولا يرضى من أحد أن يتكلم عنها بمكروه .
أخرج أحمد من حديث عائشة قالت : ذكر رسول اله صلى الله عليه وسلم يوماً خديجة ، فأطنب في الثناء عليها ، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة ، فقلت : لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين . قالت : فتغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيُّراً لم أره تغيَّر عند شيء قط ... الحديث .
وكان يكثر من ذكرها ويبالغ فيه حتى قالت عائشة :
(( كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة )) .
تلك هي معالم الوفاء التي ينبغي أن تبنى العلاقات الأسرية على أساسها ، تلمّسناها من هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام سيد الأوفياء .
فحري بأهل الإيمان أن يكون الوفاء شعارهم ، وعنوان حياتهم ، ليحققوا السعادة ، ويهنئوا بالحياة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
...